تعتبر الحشرة القرمزية (أو الحشرة القشرية) المسمات علميا Dactylopius opuntiae من أهم الحشرات الضارة التي تصيب غراسة التين الشوكي المعروف في تونس بِاسم “الهندي”.
وقد تبدو تسمية “هندي” غريبة في البداية ولكن يمكن أن نتفهّم هذه التسمية إذا علمنا أن اسمه العلمي هو Opuntia ficus-indica. والمقصود هنا ليس الهند الآسيوية، بل الهند الغربية بلاد الهنود الأمريكيين لأن الموطن الأصلي للتين الشوكي هو جنوب أمريكا الشمالية، ومنها انتقل منذ القرن السادس عشر إلى أوروبا وانتشر فيها ثم في كثير من المناطق الأخرى من العالم وخاصة شمال إفريقيا والمشرق العربي.
ولا يخفى على أحد الأهمية القصوى التي يتسم بها التين الشوكي حيث يستطيع أن ينمو في المناطق شبه القاحلة والقاحلة ويعمّر طويلا فيها وله قدرة عجيبة على مقاومة الجفاف نظرا لألواحه التي تخزن كثيرا من الماء، وبذلك يلعب دورا أساسيا في مقاومة التصحر والمحافظة على التنوع البيولوجي حوله. ويقوم سكان الأرياف في عديد المناطق بغراسة هذه النبتة كحواجز حماية حول ممتلكاتهم وفي ذات الوقت للاستفادة من ثمرها الشهي وإطعام ألواحها للحيوان. كما تستعمل الثمار كمصدر لصناعة الأدوية ومواد التلوين والتجميل.
تصيب الحشرة القرمزية، وهي من نصفيات الأجنحة، التين الشوكي على مستوى سطح الألواح، عادة في شكل مستوطنات متفرقة ومختلفة الأحجام، مستقرة حول المنطقة السفلى للشوك. وتتسبب في الأضرار دائما الأنثى واليرقات التي تبدو أجسامها بيضاوية أو مستديرة الشكل، ذات لون أرجواني داكن يتحول إلى أحمر فاتح حين يتم سحقها، وهذا اللون الأخير هو لون مادة القرمز(carmin) التي تتميز به الحشرة. أما الذّكر فلا يتسبب في أي أضرار.
وتفرز الأنثى واليرقات خيوطا شمعية بيضاء تحميها كغطاء وتمكنها من التنقل من لوح إلى لوح. وعند الإصابة، تظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئا فشيئا وتأدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع وإلى 100% من الخسائر في حالة الإصابة الشديدة. تتواجد هذه الآفة حاليا في قليل من مناطق العالم وهي 9 دول هي الولايات المتحدة والمكسيك وأستراليا وسيريلانكا والهند وإفريقيا الجنوبية وكذلك الأراضي الفلسطينية والمغرب الأقصى منذ 2014 ومؤخرا قبرص منذ 2016.
ومن هنا، نلاحظ أن تواجد الآفة في فلسطين وقبرص يهدد بقية دول المشرق العربي بينما وصول هذه الحشرة الضارة إلى المغرب الأقصى صار يشكل تهديدا خطيرا على بقية الدول المغاربية باعتبار التواصل الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي بين هذه الدول. ولقد تم اكتشاف وجود الحشرة القرمزية على التين الشوكي بالمغرب الأقصى في أواخر 2014 بمنطقة خميس زمامرة وأوائل 2015 بمنطقة سيدي بنور بجهة دكالة-عبدة وهي مناطق تقع جنوب مدينة الدار البيضاء حيث استطاعت هذه الآفة أن تنتشر على مساحة قطرها 100 كيلومتر خلال حوالي سنتيْن.
تعد مكافحة الحشرة القرمزية للتين الشوكي عملية شاقة نظرا إلى صعوبة الولوج داخل مزارع التين الشوكي التي عادة ما تتواجد في أراضي هامشية غير منبسطة وتمتد على مساحات شاسعة. وحسب تجربة المغرب الأقصى الحالية بإحاطة ودعم من منظمة الأغدية والزراعة (الفاو)، تعتمد هذه المكافحة مبدئيا على الطريقة الكيميائية في انتظار تطوير طرق أخرى بيولوجية وزراعية والبحث على أصناف مقاومة أو على الأقل متحملة للآفة. لذلك، يجب على المصالح المختصة بوزارة الفلاحة الاستعداد بشريا وماديا وماليا لهذا التهديد الخطير لأن انتشار مثل هذه الآفات والأمراض ينتقل بسهولة بين الدول المتجاورة ولنا في ذلك أمثلة كثيرة منها حافرة الطماطم وسوسة النخيل واللفحة النارية وغيرها. فالموضوع خطير جدا باعتبار الاهمية القصوى لزراعة التين الشوكي لدى جانب كبير من الفلاحين والمربين وارتباط موارد رزق الكثير من سكان الريف بهذه الزراعة التي توفر غذاء للإنسان والحيوان، فضلا عن إمكانية تحويلها وتصنيعها.
فتونس تعتبر من الأوائل بين دول العالم من حيث مساحات مزارع التين الشوكي التي تقدر بحوالي 600.000 هكتارا يوجد أغلبها في المناطق القاحلة بالوسط التونسي، ولا بد من بذل أقصى الجهود للمحافظة على هذه الزراعة وحمايتها من كل الأمراض والآفات.
الدكتور بوزيد نصراوي، أستاذ جامعي، المعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس، جامعة قرطاج، تونس، سبتمبر،2017.
بعض الملاحظات على الحشرة القشرية القرمزية (Hemipetera: Dactylopiidae) Dactylopius opuntiae على نبات الصبار في المغرب.
ظهرت الحشرة القرمزية أو الكوشني Dactylopius opuntiae بالمغرب في أواخر سنة 2014. تصيب هذه الحشرة نبات الصبار فقط وهي تتميز بلون احمر داكن نظراً لإفرازها للسائل القرمزي الكارمين Carmin.موطنها الأصلي هو الغابات الاستوائية والشبه استوائية في أمريكا والمكسيك.
وهي حشرة قشرية رخوة على شكل بيضوي، تحتوي ذكورها على اجنحة والأناث غير مجنحة مغطاة بطبقة شمعية بيضاء، بعد تزاوجها تضع الإناث البيض الذي يتحول بسرعة الى حوريات دقيقة تفرز مادة شمعية بيضاء على اجسامها لحمايتها من فقدان الماء والشمس المفرطة.
تظهر الحشرات القرمزية على نبات الصبار بشكل اكوام بيضاء تشبه القطن. تتحرك هذه الحشرات الى حافة لوحة الصبار حيث يمسك الريح خيوط الشمع ويحملها الى نبات جديد. يؤدي تطاير الذكور المجنحة ازعاج الساكنين، الا انها لاتشكل أي خطر على الأنسان او الحيوان.
وتلحق هذه الحشرات خسائر مهمة في الإنتاج لكونها تقتات على نبات الصبار حيث تمتص سوائله مما يؤدي الى جفافه وموته في حالة شدة الإصابة، إلا ان تناول فاكهة نبت الصبار لا يشكل أي ضرر صحي على المستهلك. تعد الطرق الوقائية من الأساليب الناجعة لتفادي انتشار هذه الحشرة والحد من اضرارها وذل+ك بـ عدم نقل الواح وفاكهة الصبار الى المناطق السليمة، استعمال الصناديق البلاستيكية بدل الخشبية لنقل الفاكهة وذلك بعد غسلها وتعقيمها، تفادي دخول وانتشار هذه الحشرة عبر وسائل النقل، اخذ التدابير اللازمة بالتخلص من النباتات المصابة واعتماد وسائل المكافحة الموصى بها.
عبد المغيت أيت فريحة، مصلحة المراقبة ووقاية النباتات – بولمان /المغرب ،www.onssa.gov.ma , 2016.