انتشار مرض Xylella fastidiosa يشكل تهديداً خطيراً لزراعة الزيتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط
تعتبر Xylella fastidiosa والمدرجة في قائمة الحجر الصحي A1 لدى منظمة حماية النباتات في أوروبا (EPPO)، نوع من الجراثيم سالبة الجرام التي طالما عرفت بتأثيرها على عدد كبير من الأنواع النباتية (حوالي 300 نوع)، أبرزها مرض بيرس على الكرمة (Pierce disease) ومرض الاصفرار على الحمضيات (Citrus variegated chlorosis) ولاسيما في القارة الامريكية.
في أكتوبر 2013، تم التسجيل الاول لهذا المرض في المنطقة الأورو-متوسطية، على أشجار الزيتون في بوليا، والتي تعتبر المنطقة الرئيسية لانتاج الزيتون في إيطاليا (ســابوناري وآخرون، 2013). يرتبط وجود هذه البكتيريا إلى حد كبير بأعراض التدهور السريع للزيتون (OQDS)، وهو المرض الشرس الذي أدى الى مقتل الآلاف من أشجار الزيتون (Olea europaea)، معظمها تنحدر من السلالات القديمة التي كانت احدى معالم منطقة البحر الأبيض المتوسط منذ آلاف السنين. ومع ذلك، فإن التدهور السريع للزيتون قد يرتبط ببعض الأنواع الفطرية التي تنتمي إلى جنس Phaeoacremonium وجنس Phaeomoniella، والتي قد تلعب دوراً مهماً في شدة الأعراض.
في جنوب ايطاليا، تمت دراسة وتقييم التباين الكبير بين شدة اعراض التدهور السريع للزيتون (OQDS) المرتبط بالاصابة بـ X.fastidiosa على اصناف الزيتون المختلفة. وبناءً على هذا التغير يمكن تصور تأثير مختلف من العدوى في كل بلد على أساس حساسية أصناف الزيتون المحلية لهذا المرض. أطلق اسم كوديرو “CoDiRO” على السلالة الجديدة من X.fastidiosa التي وجدت في ايطاليا والتي تنحدر من السلالة (باوكا، pauca)، حيث تصيب هذه الاخيرة أكثر من 20 نوعاً من العوائل أبرزها الزيتون والكرز والمغزرة والدفلة ولكن ليست مسجلة على انواع الكرمة والحمضيات.
ان التشابه العالي على المستوى الجيني مع سلالة X.fastidiosa من كوستاريكا، يمكن أن يفسر أن هناك أصل محتمل لسلالة كوديرو الايطالية من أمريكا الوسطى، حيث يتم استيراد الملايين من نباتات الزينة سنوياً دون ان تتعرض الى الفحص في نقاط الدخول في الاتحاد الأوروبي. في الواقع، وبعد هذا الاكتشاف الأول في الاتحاد الأوروبي، وقعت عدة إعتراضات جديدة من البكتيريا في بلدان أوروبية أخرى (مثل فرنسا، هولندا) بشكل رئيسي على نباتات قهوة الزينة المستوردة من كوستاريكا وهندوراس.
في عام 2015 تم اعتراض سلالة متعددة (subsp. multiplex) من X. fastidiosa في فرنسا على نبات (Polygala myrtifolia) ونباتات الزينة الأخرى. وبغض النظر عن امكانية الانتقال من خلال حركة مواد الاكثار المصابة، فإن هذا الممرض يمكن أن تنقله الحشرات. تم تحديد البق النطاط Philaenus spumarius على انه الناقل المرتبط بالسلالة الايطالية في بوليا، وهو حشرة متعددة العوائل تنتمي للعائلة Auchenorrhyncha المنتشرة على نطاق واسع في المنطقة الأورو-متوسطية، والتي نشرت بسرعة البكتيريا في بساتين الزيتون (كاريدي وآخرون، 2014). على الأقل، تم اثبات قدرة نوعين آخرين Neophilaenus campestris و Euscelis lineolatus على إيواء البكتيريا، رغم عدم وجود دليل حتى الآن أنها يمكن أن تنقل العدوى (البعينو وآخرون، 2014). لا يوجد اي تسجيل يثبت أن استئصال X.fastidiosa عند وجودها في العراء كان ناجحاً وذلك بسبب العدد الكبير لعوائلها النباتية ونواقلها. ومع ذلك، تعتمد تدابير الرقابة في الاتحاد الأوروبي أساساً على منع إدخال العامل الممرض في المناطق الحرة وعلى احتواء التفشي في المناطق التي لم ينتشر فيها بشكل جيد بعد.
ان التهديد الشديد الذي تشكله X.fastidiosa في إيطاليا، وهي السلالة الجديدة التي تؤثر بشكل رئيسي على أشجار الزيتون، دفعت وزارة الزراعة الإيطالية لتعيين مفوض خاص للتعامل مع الحالة الطارئة هذه للصحة النباتية وإنشاء لجنة علمية وطنية لتقديم المشورات والقرارات التقنية.
وقد طوّر المعهد المتوسطي الزراعي في باري ووَضع من خلال برنامج التحرّي الرسمي أساليب فعالة ومبتكرة في الرصد والكشف عن الممرض، والبعض منها قد تم ادراجه بالفعل في برنامج الرصد الرسمي للممرض في إيطاليا: يتم تحديد الأشجار المشتبه بإصابتها بـ OQDS عن طريق اخذ صور جوية عالية الدقة، ويتم جمع بيانات المنطقة الميدانية من خلال تطبيق (XylApp) وإرسالها إلى جهاز خادم مركزي (XylWeb) من اجل التخزين السريع والتحليل (دونغـيا وآخرون، 2015). وعلاوة على ذلك، تـمّ تطوير طرق للكشف (في موقع الاصابة) عن العامل الممرض في النباتات وحشرات التجسس من خلال
التضخيم متساوي الحرارة بوساطة العروة في الوقت الحقيقي (RealTime-LAMP) واختبار البصمة النسيجية (DTBIA) من أجل تجنب حركة المواد النباتية المصابة في المناطق الخالية من مسببات المرض. وبصرف النظر عن اقتلاع النباتات المصابة في المناطق العازلة، حيث يجب أن يكون الممرض غائباً، فإن مكافحة النواقل هي أيضا إلزامية استناداً إلى نهج الإدارة المتكاملة ضد كل مراحل حياة الحشرة. وعلاوة على ذلك، تخضع المشاتل الزراعية إلى القيود التنظيمية المتعلقة بإنتاج ونقل النباتات المضيفة لهذه البكتيريا.
من خلال الخبرة المكتسبة في إيطاليا على X.fastidiosa ينبغي الأخذ بعين الاعتبار قريباً من قبل جميع بلدان البحر الأبيض المتوسط لاتخاذ إجراءات فورية في الدرجة الأولى لحماية أشجار الزيتون في المنطقة بأسرها، مع الانتباه إلى أنواع نباتات الزينة، والتي هي تعتبر نواقل رئيسية لأكثر الآفات الغير مرغوب فيها لأنه نادراً ما يتحكم بها القانون. لتحقيق هذا الهدف، يجب تفعيل برامج المراقبة في وقت مبكر للعدوى، الدعم المالي مهمّ أيضاً لتطوير البحوث الخاصة وأخيراً، إن تنظيم الحملات الإعلامية القوية والموجهة إلى المجتمع المدني كله ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار قريباً.
آنــّـا مـاريــا دونغـيـا
رئيسة شعبة الإدارة المتكاملة للآفات، المعهد المتوسطي الزراعي (ســيام) في باري، إيطاليا